عودة ترامب إلى البيت الأبيض.. الأمريكيون يترقبون مآل انتظاراتهم الاقتصادية
مع كل استحقاقات رئاسية، تتناثر الوعود وتتوالى الانتظارات، لاسيما في ظرفية تتسم بارتفاع الأسعار واستفحال التضخم.
وفي الولايات المتحدة، حيث تمكن المرشح الجمهوري دونالد ترامب من تحقيق عودة مظفرة إلى البيت الأبيض، بفضل فوزه الكبير في الانتخابات العامة التي جرت في الخامس من نونبر، على منافسته الديمقراطية كامالا هاريس، تتمثل هذه الانتظارات أساسا في سبل تحسين الوضع الاقتصادي الراهن، واستعادة القوة الشرائية للأمريكيين.
غداة فوز ترامب، الذي ينكب حاليا على استكمال تشكيلة إدارته في أفق تنصيبه رئيسا يوم 20 يناير المقبل، كتبت وكالة (أسوشييتد برس) أن “الأمريكيين المحبطين بسبب ارتفاع الأسعار وعدم رضاهم عن الوضع الاقتصادي، الذي يبدو صحيا بكل المقاييس، طالبوا بالتغيير عندما صوتوا لرئيسهم”.
واعتبرت الوكالة الإخبارية الأمريكية أن عشرات الملايين من الأمريكيين الذين انتخبوا الملياردير النيويوركي رئيسا للبلاد يعبرون عن ثقتهم في أن إدارتهم المستقبلية ستكون قادرة على خفض الأسعار واستعادة “الاستقرار الاقتصادي”، الذي ميز الولاية الرئاسية الأولى لترامب، والذي تقوض في السنوات الأخيرة بسبب الارتفاع المتسارع للتضخم.
خلال حملته الانتخابية، تعهد دونالد ترامب، على الخصوص، باستئناف “الرخاء” الاقتصادي، من خلال إلغاء القوانين التي تكبح الصناعات الأمريكية وفرض رسوم جمركية على الواردات. وفي هذا الإطار، أعلن الرئيس المستقبلي للسلطة التنفيذية الأمريكية، في منشور على شبكته (تروث سوشال)، عن زيادة في الضرائب الجمركية بنسبة 10 بالمائة على “العديد من المنتجات القادمة من الصين إلى الولايات المتحدة”. تنضاف هذه الضريبة إلى تلك المفروضة، وإلى الضرائب الإضافية التي بإمكانه أن يقرر فرضها.
وأعلن أيضا أنه يعتزم فرض رسوم جمركية بنسبة 25 بالمائة على جميع المنتجات التي تصل من المكسيك وكندا إلى الولايات المتحدة، ويعتزم كذلك فرض ضريبة تتراوح بين 10 و20 بالمائة بالنسبة لباقي البلدان.
كما تشمل الإجراءات، بالنسبة للإدارة الجمهورية، خفض الضرائب والقوانين الحكومية لكل من الأفراد والشركات وتنفيذ عمليات ترحيل واسعة النطاق في حق المهاجرين غير القانونيين. ووعد ترامب، كذلك، بإنهاء الضرائب على خدمات الضمان الاجتماعي وساعات العمل الإضافية والإكراميات، فضلا عن تقليص معدل الضريبة على الشركات بالنسبة للمصنعين الأمريكيين.
وبرأي العديد من الاقتصاديين، فإن هذه الإجراءات التي اقترحها الرئيس المنتخب قد لا تؤدي إلى التأثير المنشود على الوضع الاقتصادي للأمريكيين. إذ يعتبر البعض أن الانتعاش الاقتصادي الذي سيتحقق نتيجة التخفيضات الضريبية ستقابله جزئيا التعريفات الجمركية على الواردات.
ويرون أن من شأن هذه التعريفات أن تزيد التكاليف على الشركات والمستهلكين الأمريكيين، وتؤدي إلى “إجراءات انتقامية” من طرف الشركاء التجاريين للولايات المتحدة.
في السياق ذاته، يتوقع خبراء من شركة (بانثيون ماكروإيكونوميكس) المتخصصة، أن من شأنه فرض تعريفة بنسبة 10 بالمائة على الواردات أن يزيد التضخم بنحو 0.8 نقطة مئوية العام المقبل، ويفرض قيدا إضافيا على المصنعين الأمريكيين، فيما يخشى آخرون تراجع القوة الشرائية للمستهلكين الأمريكيين بمقدار 46 مليار دولار، لتستقر عند 78 مليار دولار سنويا.
من جانب آخر، يعتبر خبراء آخرون أن هذه الإجراءات تعد إيجابية بالنسبة لأكبر اقتصاد في العالم، لاسيما وأنها تمنح الأولوية لـ”أمريكا أولا” وللإنتاج المحلي.
وفي هذا الصدد، يشير الصحافي الاقتصادي بالإذاعة الوطنية العامة (إن بي آر) إلى أن إدارة دونالد ترامب المستقبلية “تمتلك القدرة على إعادة تشكيل الاقتصاد الأمريكي بطريقة جوهرية”.
تعبر عن الرأي ذاته الرئيسة والمديرة التنفيذية لشركة الاستثمار (آرك إنفست)، كاثي وود، التي تعتبر أن أجندة الرئيس المنتخب قادرة على وضع أمريكا على مسار نمو لم تسجله منذ عقود.
وفي رسالة إلى المستثمرين، قارنت وود بين الوضع الاقتصادي الراهن في الولايات المتحدة، وذاك الذي كان سائدا في أوائل الثمانينيات، عندما ساهمت التخفيضات الضريبية التي أقرها الرئيس رونالد ريغان، إلى جانب تقليص مجلس الاحتياطي الفدرالي لأسعار الفائدة، في نمو “هام” أخرج أمريكا من حالة العجز الاقتصادي لتحقيق فائض في عهد الرئيس بيل كلينتون.
وبرأي العديد من الملاحظين، فإن ترامب حدد الخطوط العريضة لخارطة الطريق من أجل توجيه أمريكا نحو “عصرها الذهبي”، بمساعدة الكونغرس الذي يهيمن عليه الجمهوريون.
صوت الاحرار/ وكالات