ظاهرة الإعلانات الساخرة: بين الابتكار والإساءة
بقلم رشيد اركمان
ظاهرة الإعلانات الساخرة: بين الابتكار والإساءة
انتشرت في الاونة الأخيرة صورة امراة من دول الجوار مرسومة بعبوة كرتونية للحليب المبستر تحمل تعليقا اشهاريا “حليب البزولة أكثر مبيعا ” والمثير للجدل في عالم التسويق والاشهار.
وحسب تحليل معمق لهذه الصورة تبين أن بعض الإعلانات تعتمد على السخرية والمبالغة كوسيلة لجذب الانتباه.
مما يطرح تساؤلات حول مدى تأثير هذه الإعلانات على المجتمع وعلى صورة العلامات التجارية.
وهذه الإعلانات الساخرة ليست بجديدة على عالم التسويق، فقد اعتمدت العديد من الشركات على الفكاهة والمبالغة كأداة لتمييز منتجاتها في سوق كثرت فيه المنافسة واستقبال الزبناء باثمان مختلفة رغم وحدة المنتوج .
وتندرج هذه الطريقة صمن اساليب الابتكار في تقديم الرسائل الإعلانية كخطوة إيجابية على مدخول الشركات، في قالب فكاهي جذاب يمكن من خلاله أن يخلق رابطًا عاطفيًا بين المنتج والمستهلك، وتساعد في تذكر العلامة التجارية بسهولة أكبر.
رغم إيجابيات هذا الابتكار النوعي ، يجب أن تُراعى حدود معينة في استخدام السخرية، فالإعلانات التي تعتمد على التمييز أو التصورات النمطية قد تثير الجدل وتؤدي إلى نتائج عكسية. الإعلان المذكور على عبوة الحليب، والذي يشير إلى أن المنتج “مستخلص من أجمل نساء موريتانيا”، قد يُفسَّر على أنه استغلال غير لائق لصورة المرأة، مما يمكن أن يُعتبر إساءة وتجسيدًا للمرأة كوسيلة ترويجية.
واستخدام صور النساء في التسويق ليس جديدًا، ولكن الاعتماد على الجمال كميزة ترويجية قد يساهم في تعزيز الصور النمطية حول أدوار الجنسين. إن تصوير المرأة كجزء من منتج غذائي يمكن أن يقلل من شأنها ويحوّلها إلى مجرد أداة ترويجية، مما يؤثر سلبًا على الجهود المبذولة لتحقيق المساواة بين الجنسين.
ويمكن أن تثير مثل هذه الإعلانات ردود فعل متفاوتة في المجتمع. بعض الأفراد قد يرون فيها مجرد فكاهة غير ضارة، بينما قد يعتبرها آخرون إهانة وتجسيدًا لجوانب غير لائقة من الثقافة. يتعين على الشركات أن تكون واعية لهذه الحساسية الثقافية والاجتماعية عند تصميم إعلاناتها.
وفي المقابل يعتبر بعض المصممين والمستشهرين الفكاهة أداة قوية في التسويق، يجب استخدامها بحذر واحترام للحدود الأخلاقية والثقافية. على الشركات أن توازن بين الابتكار والمسؤولية الاجتماعية، لتجنب التأثيرات السلبية التي قد تنجم عن الإعلانات الساخرة. الأهم هو أن تركز الرسائل الإعلانية على الجودة الحقيقية للمنتج دون اللجوء إلى أساليب قد تكون مهينة أو مسيئة لأي فئة من المجتمع.