النظام العسكري يتجه إلى إعادة تنصيب تبون رئيسا للجزائر في انتخابات شكلية
صوت الاحرار / متابعة
تنطلق اليوم السبت الانتخابات الرئاسية بالجزائر وسط توقعات بأنها مجرد محطة “شكلية” سيتم فيها تجديد الثقة في الرئيس المنتهية ولايته عبد المجيد تبون، غير أن هذه المحطة، على خلاف الاستحقاقات التي تشهدها مختلف دول العالم، يغيب عنها المراقبون الدوليين، الأمر الذي يثير الكثير من التساؤلات حول الأسباب والخلفيات التي دفعت النظام الجزائري إلى رفض حضور المراقبين الدوليين لمتابعة العملية “الانتخابية” وإبداء ملاحظاتهم عليها.
هذا المعطى يزيد من حدته الغياب شبه التام للحديث عن الرئاسيات الجزائرية في وكالات الأنباء الدولية وعدم نشرها قصاصات خاصة بها، الأمر الذي لا يقبل إلا احتمالين لا ثالث لهما، إما منع هذه الوكالات من التطرق إلى الموضوع أو غياب الترخيص لصحافيين دوليين من أجل تغطية الحدث، حسب ما أفادت مصادر متطابقة.
في قراءته لذلك، قال خالد الشيات، أستاذ العلاقات الدولية بجامعة محمد الأول بوجدة، إن الانتخابات الجزائرية “واجهة لنظام أحادي متفرد بالسلطة، لا يريد ولا يستطيع أن يتقاسم هذه السلطة مع أي طرف”.
وأضاف الشيات، في تصريح لجريدة هسبريس الإلكترونية، أنه “لم تكن هناك أي حملة انتخابية في البلاد، وكل ما صرح به عبد المجيد تبون ومرشحون آخرون كان منصبا حول المغرب وكيل السباب له، في محاولتهم جميعا التقرب من هذه المنظومة ووضع أنفسهم في خدمة الديكتاتورية المتسلطة في الجزائر”.
انطلاقا من هذه المؤشرات، قال الشيات: “ليس هناك حاجة للمراقبين الدوليين، والمراقبون المستقلون لا يقبلون الحضور لأنه ليس هناك داع لأن نقول إن هذه الانتخابات نزيهة أو ليست نزيهة”، مشددا على أنه “ليست هناك انتخابات في الأصل، من أي طرف”.
واعتبر أن “النظام الجزائري قام بالصواب عندما لم يستدع هؤلاء المراقبين الدوليين لمراقبة الانتخابات، لأن هذا الأمر لا داعي له؛ فهو محسوم مسبقا، لأنه ليست هناك أي نزاهة أو حتى أي سمة من سمات هذه النزاهة”، مردفا: “لا أعتقد أن جهة تحظى بمستوى من الاحترام يمكن أن تأتي إلى الجزائر لمراقبة هذه الانتخابات”.
من جهة أخرى، سجل الشيات أن عدم منح تراخيص للصحافة الدولية لتغطية الحدث، “يدخل ضمن النسق نفسه وإيمان النظام الجزائري بأنه نظام يسير وفق نهج ديكتاتوري أحادي وتسلطي لا يحتاج إلى تدويله الإعلام، وإنما يحتاج فقط إلى نوع من الدعاية التي يقوم بها داخليا”.
وأبرز المتحدث أن المقصود من هذه الانتخابات، هو “الداخل الجزائري، وهي عملية داخلية تم من خلالها تهييج الشعب إزاء عداوات متعددة تصب في مصلحة الجيش الذي يستفيد منها”، وذلك من خلال تقديم “مجموعة من صفقات السلاح التي يستفيد منها مجموعة من الجنرالات والمسؤولون العسكريون والمدنيون التابعون لهم”.
وزاد مبينا أن الجزائر خلال هذه السنة أنفقت “18 مليار دولار على شراء الأسلحة، باعتبار أن هناك تهديدا أمنيا تواجهه من قبل المغرب”، متسائلا: “كيف يمكن أن يبرر النظام للشعب الجزائري صرف كل هذه الأموال إذا لم يكن هناك عدو، وتصريف الأمور داخليا لا يحتاج إلى مراقبين دوليين أو صحافة دولية”، وفق تعبيره.
من جهته، رسم المحلل السياسي أحمد نور الدين محددات عدة لقراءة غياب المراقبين الدوليين عن الانتخابات الرئاسية الجزائرية، يرتبط الأول بـ”إدراك المجتمع الدولي، وضمنه الصحافة الوازنة دوليا، أن هذه الانتخابات محسومة نتائجها سلفاً، لأننا لسنا أمام ديمقراطية حقيقية، بل أمام دكتاتورية عسكرية يتحكم فيها الجنرالات”.
وأضاف نور الدين، في تصريح لهسبريس، أن الجيش “هو من أتى بالرئيس عبد المجيد تبون إلى الحكم ضد إرادة الشعب الذي ندد بذلك في تظاهرات مليونية، وعلينا أن نتذكر تصريح قائد الجيش الذي قال آنذاك بأنه سيتم تنصيب الرئيس المعين تبون حتى ولو صوت عليه واحد بالمائة فقط من الشعب”.
ومضى المحلل السياسي ذاته مبينا أن “الدكتاتورية العسكرية بالجزائر تتخذ من الانتخابات مجرد قناع للتمويه عن طبيعة النظام الشمولية وتبييض صحيفته أمام المجتمع الدولي، ومن أجل التحايل على الرأي العام الدولي”.
وأشار نور الدين إلى أن المحدد الرابع مرتبط بـ”حرية التعبير والصحافة وحرية الممارسة السياسية وتأسيس الأحزاب”، لافتا إلى أن أزيد من 300 صحافي وناشط حقوقي مرميون في غياهب السجون الجزائرية، وأكد أن الأسابيع الأخيرة فقط شهدت اعتقال “المناضل والقيادي المعروف كريم تابو، وقبل ذلك تم منعه من تأسيس حزب سياسي، كما تم اعتقال القيادي السابق في جبهة الإنقاذ علي بلحاج ومنعه من التواصل مع مناصريه عبر وسائل التواصل الاجتماعي، وهو النهج نفسه في الانتخابات السابقة التي جري فيها اعتقال مرشحين للرئاسة، هما علي غديري والمعارض رشيد نكاز”.
وذهب نور الدين إلى أن غياب قضاء مستقل بالجزائر يمكنه الإشراف على العملية الانتخابية ويشكل مرجعية عند التنازع حول النتائج، مؤثر في المسألة، مؤكدا أن هذا الأمر يظهر من خلال الأحكام الجزافية في حق نشطاء الحراك والحقوقيين والصحافيين، بل وفي حق بعض أقطاب النظام، حيث تم استغلال القضاء لتصفية الحسابات بين التيارات المتصارعة داخل الجيش، مستحضرا غياب الضمانات الدستورية، مبرزا أن “الجيش الجزائري معروف بتلاعبه بمقتضيات الدستور كلما كانت مخالفة لخططه وهواه”، وفق تعبيره.
المصدر / هيسبريس