المكسب الكبير : المغرب يتحالف مع الشيطان للرد على غدر الإخوان
بقلم محمد الشمسي
“عندما يخونك الشقيق، ويُسَخّر كل جهده و ثروته لتمزيقك، ويعجز الإخوة عن لجم الأخ الغدار الخائن بل منهم من يدعمه بالتصفيق والتصفير، فلا لوم على الشقيق المغبون المغدور في أن يتحالف مع الشيطان“ ، ليست هذه بداية رواية، ولا خلاصة حكاية، بل هي صورة حية لواقع مرير مقزز عاشه ويعيشه المغرب وهو يرى إخوة يجحدون الفضل ويتجرؤون على وحدته الترابية، وعلى تاريخه العتيد التليد، وعلى حضارته التي تحتفظ جنوب أوربا ودول ساحل إفريقيا بالكثير من آثارها.
باعتراف إسرائيل بمغربية الصحراء نسجل نقطة كبيرة ووزانة في مسيرة صيانة وحدتنا الترابية التي لم تكن في حاجة لكل هذه الاعترافات من الأصدقاء ومن الأعداء لولا خذلان وتآمر الأشقاء، وبعيدا عن لغة العواطف ومسحا لدموع الوهن وبعيدا عن مسلسل التباكي، فإن المغرب يسير بخطى ثابتة للبرهنة على أن لون الغراب أسود، وأن للشمس أشعة، وأن الصحراء مغربية، فليس قدر صحرائنا أن يربطها بعض الإخوة بمصير فلسطين المحتلة، فليس في الأمر تبادل ولا مقايضة، بحكم التاريخ والجغرافية.
فأما إسرائيل فهي دولة احتلال وقمع وتسلط على شعب أعزل، لكنها في نفس الوقت والحين دولة عضو في الأمم المتحدة، وذات نفوذ وثقل دوليين كبيرين سياسيا واقتصاديا وعسكريا، وتملك جماعات ضغط وازنة في كل بقاع العالم، وسحبها إلى صف الوحدة الترابية المغربية هو مغنم واختراق وفتح مبين، لو أتيح للمدعو “تبون” وزبانيته نصفه لوهبوا نظيره نصف بلادهم.
التحالف المغربي الإسرائيلي هو رد على دسائس الإخوان الذين استقدموا الحرس الثوري الإيراني لتدريب الانفصاليين في تندوف ذات الأصول المغربية، وتزويدهم بأسلحة متطورة، فماذا تريدون من المغرب أن يفعل؟ وهذا الغاز الطبيعي الجزائري يعرض بالمجان على كل من ينبش مخالبه في جسد المغرب؟ وماذا تنتظرون من المغرب وحتى”مومياء تونس” ظهر يعانق كبير الانفصاليين ويضمه في الأحضان وقد أفرش له الزرابي المبتوتة؟، وهي رسالة دالة على أن السوسة تدنو من قلب السن، وماذا تتوقعون من المغرب أن يصنع وهو يحصي عدد الدول العربية الشقيقة تعترف بالكيان الوهمي دولة، وأخرى شقيقة اختارت حيادا ملتبسا وكأن المملكة المغربية باتت ندا لمرتزقة عصابة تحتجز أناسا بالقهر والعنف بدعم من السلطات الجزائرية؟ وما قولكم في ما يتعرض له المغرب من ابتزاز إفريقي ؟؟؟
هل ننتظر حتى تحاصر الرباط وتقصف الدار البيضاء ويجري الاستيلاء على أكادير والعيون والداخلة، وهذه الحروب باتت تنشب بلا سبب ؟
وأنا أخط هذه المقالة استحضر قولة
ونستون تشرسل : “أنا مستعد للتحالف مع الشيطان في سبيل الظفر بـهتلر” ، بهذا المنطق برر ونستون تشرشل تحالفه مع جوزيف ستالين قائد الاتحاد السوفياتي أثناء الحرب العالمية الثانية.
أعود لأقول إنه علينا الحذر من الوقوع في كمين الاستغفال والتغافل، والسقوط في أعماق المشاعر الجياشة والانفعالات الزائدة، فهي إن لم تكن لغاية إيديولوجية أو لتحقيق مكاسب سياسية، فهي تنم عن قصور في الرؤية، والدفاع الخطأ بالطريقة الخطأ والربط خطأ بين قضيتين مختلفتين عن بعضهما اختلافا بينا، فليس المغرب أقوى من تركيا التي تقيم علاقات متميزة مع إسرائيل رغم بعض الخصام العابر الذي تحركه أهداف سياسية من الطرفين، ولن يكون المغرب مثل إيران التي توظف عداءها الوهمي لإسرائيل لابتزاز أمريكا وأوربا واستمالة الشعوب العربية الغارقة في العاطفة، فالتاريخ لم يذكر لإيران قصفا لإسرائيل، ولا دعما للجيوش العربية في سابق مواجهاتها لإسرائيل، فالعواطف لا تبني دولا، ولا تحرر أمصارا، ومصلحة بلادنا مقدمة على مصالح بلدان أخرى مهما كانت درجة قرابتنا، فهل سمعتم عن رجل شاهد نارا مندلعة في بيته وأخرى في بيت أخيه، فهرع يخمد النيران في بيت أخيه قبل بيته ؟